سورة القيامة - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (القيامة)


        


{لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} قرأ القواس عن ابن كثير: {لأقسم} الحرف الأول بلا ألف قبل الهمزة. {وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ} بالألف، وكذلك قرأ عبد الرحمن الأعرج، على معنى أنه أقسم بيوم القيامة، ولم يقسم بالنفس اللوامة والصحيح أنه أقسم بهما جميعا و{لا} صلة فيهما أي أقسم بيوم القيامة وبالنفس اللوامة.
وقال أبو بكر بن عياش: هو تأكيد للقسم كقولك: لا والله.
وقال الفرَّاء: {لا} ردّ، كلام المشركين المنكرين، ثم ابتدأ فقال: أقسم بيوم القيامة وأقسم بالنفس اللوامة.
وقال المغيرة بن شعبة: يقولون: القيامة، وقيامة أحدهم موته. وشهد علقمة جنازة فلما دفنت قال: أما هذا فقد قامت قيامته.
{وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ} قال سعيد بن جبير وعكرمة: تلوم على الخير والشر، ولا تصبر على السراء والضراء.
وقال قتادة: اللوَّامة: الفاجرة.
وقال مجاهد: تندم على ما فات وتقول: لو فعلت، ولو لم أفعل.
قال الفراء: ليس من نفس برّة ولا فاجرة إلا وهي تلوم نفسها، إن كانت عملت خيرا قالت: هلا ازددت، وإن عملت شرًا قالت: يا ليتني لم أفعل قال الحسن: هي النفس المؤمنة، قال: إن المؤمن- والله- ما تاره إلا يلوم نفسه، ما أردت بكلامي؟ ما أردت بأكلتي؟ وإن الفاجر يمضي قدمًا لا يحاسب نفسه ولا يعاتبها.
وقال مقاتل: هي النفس الكافرة تلوم نفسها في الآخرة على ما فرَّطت في أمر الله في الدنيا.


{أَيَحْسَبُ الإنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ} نزلت في عدي بن ربيعة، حليف بني زهرة، ختن الأخنس بن شريق الثقفي، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم اكفني جارَي السوء، يعني: عديًا والأخنس. وذلك أن عدي بن ربيعة أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد حدثني عن القيامة متى تكون وكيف أمرها وحالها؟ فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم فقال: لو عاينت ذلك اليوم لم أصدقك ولم أؤمن بك أو يجمع الله العظام؟ فأنزل الله عز وجل: {أيحسب الإنسان} يعني الكافر {أَن لن نَجْمَعَ عِظَامَهُ} بعد التفرق والبلى فنحييه. قيل: ذكر العظام وأراد نفسه لأن العظام قالب النفس لا يستوي الخلق إلا باستوائها. وقيل: هو خارج على قول المنكر أو يجمع الله العظام كقوله: {قال من يحيي العظام وهي رميم} [يس- 78]. {بَلَى قَادِرِينَ} أي نقدر، استقبالٌ صُرِفَ إلى الحال، قال الفرَّاء {قادرين} نصب على الخروج من نجمع، كما تقول في الكلام أتحسب أن لا نقوى عليك؟ بلى قادرين على أقوى منك، يريد: بل قادرين على أكثر من ذا.
مجاز الآية: بلى نقدر على جمع عظامه وعلى ما هو أعظم من ذلك، وهو {عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ} أنامله، فنجعل أصابع يديه ورجليه شيئًا واحدًا كخف البعير وحافر الحمار، فلا يرتفق بها بالقبض والبسط والأعمال اللطيفة كالكتابة والخياطة وغيرها. هذا قول أكثر المفسرين.
وقال الزجاج وابن قتيبة: معناه: ظن الكافر أنا لا نقدر على جمع عظامه، بلى نقدر على أن نعيد السلاميات على صغرها، فنؤلف بينها حتى نسوي البنان، فمن قدر على جمع صغار العظام فهو على جمع كبارها أقدر.


{بَلْ يُرِيدُ الإنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ} يقول لا يجهل ابن آدم أن ربه قادر على جمع عظامه لكنه يريد أن يفجر أمامه، أي: يمضي قدمًا على معاصي الله ما عاش راكبًا رأسه لا ينزع عنها ولا يتوب، هذا قول مجاهد، والحسن، وعكرمة، والسدي.
وقال سعيد بن جبير: {ليفجر أمامه} يقدم على الذنب ويؤخر التوبة، فيقول: سوف أتوب، سوف أعمل حتى يأتيه الموت على شر أحواله وأسوأ أعماله.
وقال الضحاك: هو الأمل، يقول: أعيش فأصيب من الدنيا كذا وكذا ولا يذكر الموت.
وقال ابن عباس، وابن زيد: يكذّب بما أمامه من البعث والحساب. وأصل الفجور الميل، وسمي الفاسق والكافر: فاجرًا، لميله عن الحق. {يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ} أي متى يكون ذلك تكذيبا به. قال الله تعالى: {فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ} قرأ أهل المدينة {بَرَق} بفتح الراء، وقرأ الآخرون بكسرها، وهما لغتان.
قال قتادة ومقاتل: شخص البصر فلا يطرف مما يرى من العجائب التي كان يكذب بها في الدنيا. قيل: ذلك عند الموت.
وقال الكلبي: عند رؤية جهنم برق أبصار الكفار.
وقال الفراء والخليل {برق}- بالكسر- أي: فزع وتحير لما يرى من العجائب و{برق} بالفتح، أي: شق عينه وفتحها، من البريق، وهو التلألؤ.

1 | 2 | 3